يشهد سوق السيارات في الصين، وهو الأكبر عالمياً، تحولاً تاريخياً غير مسبوق، إذ أصبحت بعض الطرازات الكهربائية تباع لأول مرة بأسعار أقل من سيارات الاحتراق الداخلي التقليدية، في خطوة قد تعيد تشكيل موازين صناعة السيارات عالمياً.
تأتي هذه القفزة في الأسعار نتيجة التوسع الصناعي السريع وزيادة الإنتاج المحلي، مما أدى إلى انخفاض تكاليف التصنيع بشكل كبير. ودفعت المنافسة القوية بين شركات السيارات الصينية إلى طرح طرازات كهربائية بأسعار تنافسية للغاية، ما عزز من انتشارها في السوق المحلي والعالمي.
ووفقاً لتقارير اقتصادية حديثة، فإن نحو 40% من السيارات الكهربائية في الصين تباع حالياً بأسعار تقل عن 25 ألف دولار (حوالي 1.213 مليون جنيه مصري)، وهو ما يمثل تحولاً كبيراً في هيكل التسعير مقارنة بالأسواق العالمية.
رغم هذا التراجع الملحوظ في الأسعار داخل الصين، ما زالت السيارات الكهربائية في دول الاتحاد الأوروبي أغلى بنحو 6% من السيارات العاملة بالوقود التقليدي حتى نهاية عام 2024.
وتتوقع دراسات سوقية أن تواصل الصين توسعها، إذ أشار تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية في مايو الماضي إلى أن 70% من السيارات الكهربائية المباعة عالمياً خلال عام 2024 تم شحنها من الموانئ الصينية، وهو ما يعكس هيمنة الصين على سلاسل التوريد العالمية.
يمثل تفوق شركة “بي واي دي” الصينية على نظيرتها الأمريكية “تسلا” في حجم المبيعات العالمية مؤشراً واضحاً على صعود صناعة السيارات الصينية، التي تتجه لتكون المحرك الرئيسي لسوق السيارات الكهربائية عالمياً.
وتشير تقديرات خبراء الصناعة إلى أن الصين قد تستحوذ على 40% من حجم صناعة السيارات عالمياً بحلول عام 2030، خاصة مع تزايد دعم الحكومة الصينية للقطاع، سواء من خلال حوافز مالية مباشرة أو سياسات تنظيمية تشجع الابتكار والإنتاج الضخم.
الدعم الحكومي الصيني الواسع لشركات صناعة السيارات الكهربائية أثار قلق العديد من الحكومات الأوروبية، التي بدأت بالفعل في تشديد الرقابة على الأسواق وفتح تحقيقات حول ما وصفته بعض الدول بأنه ممارسات مناهضة للمنافسة.
ويرى محللون أن استمرار الصين في خفض أسعار سياراتها الكهربائية بهذا المعدل المتسارع قد يدفع الأسواق العالمية إلى إعادة هيكلة سياسات التسعير، ويضع الشركات الأوروبية والأمريكية أمام منافسة غير مسبوقة.
